الخميس، ديسمبر ١٥، ٢٠١١

الاستراتيجيات العشر لخداع الجماهير



الاستراتيجيات العشر لخداع الجماهير

( نعوم تشومسكي )

1- إستراتيجية الإلهاء .
عنصر أساسي للضبط الاجتماعي، تتمثل إستراتيجية التسلية في تحويل أنظار الرأي العام عن المشاكل الهامة والتحويلات المقررة من طرف النخب السياسية والاقتصادية، وذلك بواسطة طوفان مستمر من الترفيهات والأخبار اللامجدية. إستراتيجية الإلهاء هي أيضا لازمة لمنع الجمهور منالاهتمام بالمعارف الأساسية، في ميادين العلوم، الاقتصاد، علم النفس، وعلم التحكمية... "الإبقاء على انتباه الجمهور مسلى، بعيدا عن المشاكل الاجتماعية الحقيقية، مأسورا بمواضيع دون فائدة حقيقية. الحفاظ على جمهور منشغل، منشغل، منشغل،دون أدنى وقت للتفكير؛ ليرجع إلى ضيعة مع باقي الحيوانات" كما جاء في ( كلام تشومسكي ) نقلا عن نص استخباراتي "أسلحة كاتمة من أجل حروب هادئة"

2- خلق المشاكل، ثم تقديم الحلول .
هذه الطريقة تدعى أيضا "مشكلة - ردة فعل - حلول" نخلق أولا مشكلا، حالة يتوقع أن تحدث ردة فعل معينة من طرف الجمهور، بحيث يقوم هذا الأخير بطلب إجراءات تتوقع قبولها الهيئة الحاكمة.مثلا، غض الطرف عن نمو العنف الحضري، أو تنظيم هجمات دموية، حتى يطالب الرأي العام بقوانين أمنية على حساب الحريات. أو أيضا: خلق أزمة اقتصادية لتمرير - كشر لا بد منه - تراجع الحقوق الاجتماعية وتفكيك المرافق العمومية.

3- إستراتيجية التقهقر .
من أجل تقبل إجراء غيرمقبول، يكفي تطبيقه تدريجيا، - بالتقسيط -، على مدى عشر سنوات. فبهذه الطريقة تمفرض ظروف سوسيو - اقتصادية حديثة كليا - الليبرالية الجديدة - في فترات سنوات الثمانينيات. بطالة مكثفة، هشاشة اجتماعية، مرونة، تحويل مقرات المعامل، أجورهزيلة، كثير من التغييرات كانت لتحدث الثورة لو تم تطبيقها بقوة.

4- إستراتيجية المؤجل .
طريقة أخرى لإقرار قرارغير شعبي، هي في تقديمها ك " شر لا بد منه "، عبر الحصول على موافقة الرأي العام في الوقت الحاضر من أجل التطبيق في المستقبل. من السهل دائما قبول تضحية مستقبلية بدل تضحية عاجلة. أولا، لأن المجهود لا يتم بذله في الحال. ثم يميل الجمهور إلى الأملفي " مستقبل أفضل غدا " وإن التضحية المطلوبة قد يتم تجنبها. وأخيرا، هذا من شانه أن يترك الوقت للجمهور للتعود على فكرة التغيير وقبولها باستكانة عندما يحين الوقت.

5- مخاطبة الرأي العام كأطفال صغار .
تستخدم أغلب الإشهارات كلما توجهت إلى الكبار خطابا، لماذا؟ ات،شخصيات ولهجة صبيانية جدا، غالبا ما تكون اقرب إلى التخلف العقلي، كما لو كان المشاهد طفلا صغيرا أو معاقا ذهنيا. كلما حاولنا خداع المشاهد، كلما تبنينا لهجة صبياني، لماذا؟؟ إذا توجهنا إلى طفل في الثانية عشرة من عمره، فبسبب الإيحائية إذن،سيكون من المحتمل جوابه أو ردة فعله خالية من الحس النقدي "كما لطفل في الثانيةعشرة من عمره".

6- اللجوء إلى العاطفة بدل التفكير .
اللجوء إلى العاطفة هي تقنية كلاسيكية لسد التحليل العقلاني،وبالتالي الحس النقدي للأفراد. كما أن استخدام المخزون العاطفي يسمح بفتح باب الولوج إلى اللاوعي، وذلك من أجل غرس أفكار، رغبات، مخاوف، ميولات، أو سلوكيات...

7- الإبقاء على الجمهور العامة في الجهل والخطيئة .
العمل على أن لا يفهم الجمهور التقنيات والطرائق المستخدمة من أجل ضبطه وعبوديته. " يجب أن تكون جودة التربية المقدمة إلى الطبقات الاجتماعية الدنيا هي الأضعف، بحيث تكون وتبقى هوية الجهل التي تعزل الطبقات الاجتماعية الدنيا عن الطبقات العليا غير مفهومة للطبقات الدنيا " عن أسلحة كاتمة من أجل حروب هادئة"

8 تشجيع الجمهور على استساغة البلاد .
تشجيع الجمهور على تقبل أن يكون أخرقا، أبلها، فظا، جاهلا.

9- تعويض الانتفاضة بالشعور بالذنب .
جعل الفرد يشعر أنه هو المسئول الوحيد عن شقائه، بسبب نقص ذكائه، قدراته أو مجهوداته. وهكذا،بدل الانتفاض ضد النظام الاقتصادي، يشعر الفرد بالذنب، ويحط من تقديره الذاتي، مما يسبب حالة اكتئابية من آثارها تثبيط الفعل. ودون فعل، لا ثورة كذلك...!

10- معرفة الأفراد أكثر مما يعرفون أنفسهم .
خلال الخمسين سنة الأخيرة، حفر التقدم المذهل للعلوم هوية متنامية بين معارف العوام وتلك التي تمتلكها النخب الحاكمة. بفضل البيولوجيا،البيولوجيا العصبية وعلم النفس التطبيقي، توصلت الأنظمة إلى معرفة متقدمة بالكائن البشري، نفسيا وبدنيا.. توصل النظام إلى معرفة الفرد المتوسط أكثر مما يعرف هوذاته. هذا يعني أنه في معظم الحالات، للنظام سيطرة وسلطة على الأفراد أكثر مما لهم أنفسه .

الشيوعية ليست إلحادا....


الشيوعية ليست إلحادا..... بقلم أم الزين بن شيخة

موقع حزب العمال الشيوعي التونسي,...
هذا المقال يهدف الى رفع سوء فهم يعاني منه التلقي السائد للشيوعية في البلاد العربية ..وهو سوء فهم سرعان ما تحول الى اساءة

و حيف نكتفي بمحاولة بيان علتهما. يتعلق الأمر بالوصل الدغمائي بين الشيوعية و الالحاد. لكن ليس في عملية الوصل هذه أيّ شكل من البراءة اللغوية أو المنطقية أو السياسية.انما في الأمر مؤامرة خطيرة ضدّ التصور الشيوعي للعالم .وهي مؤامرة نسجت خيوطها بكل مكر جهات مسيحية في الغرب ومن ورائها كل الترسانة الرأسمالية ،و جهات أصولية اسلاموية و قومية في البلاد العربية مناصفة مع الأنظمة الدكتاتورية التي تدعمها مصالح البرجوازية الليبرالية ..

ماذا يعني أن يكون المرء شيوعيا في بلاد عربية اسلامية؟ و أي شكل من الانفصال أو الاتصال بين الشيوعية و الالحاد؟ - طبعا الكل يعلم جيدا أن الشكل الأيسر لمحاربة الشيوعية في مجتمع ديني هو تهمة الالحاد ..لكن هذا الأسلوب ليس سوى أضعف انفعالات العقل لدينا ..ذلك أن امكانية تبكيت هذه الحجة و هزمها يقابلها من جهة مماثلة إمكانية التشكيك في الدين باتهامه بالارهاب و اللاانسانية..

لكن ليست تهمة الالحاد هذه هي الطريقة الوحيدة للتهجم على الشيوعية ..انما مثلت الأنظمة الاستبدادية أيضا تنكيلا بها لا مثيل له .حيث يتعارض الاستبداد القائم على الانفراد بالمُلك و بالملكية مع مبادئ التوزيع العادل للثروات وربما القضاء على جهاز الدولة نفسه بما هو جهاز قمع في جوهره.

ما هي الشيوعية؟

دعنا نلخصها في ثلاث أفكار كبرى:

1)هي نظرية سياسية تجد مصدرها في كتابات ماركس و انغلز خاصة ضمن بيان الحزب الشيوعي 1848، وقد أرادها مؤسسوها بديلا سياسيا عن النظام الرأسمالي القائم على الملكية الخاصة لوسائل الانتاج.

2)لذلك تقوم الشيوعية على تنظيم اقتصادي لا مكان فيه للملكية الخاصة لوسائل الانتاج و تهدف الى توزيع عادل للخيرات بين البشر و الى القضاء على التفاوت الطبقي بينهم.

3)الشيوعية هي النتيجة النهائية لنمو تاريخي للمجتمع الانساني من العبودية الى الاقطاعية الى الرأسمالية..وهو تاريخ قائم على االتفاوت بين طبقتين طبقة تملك وسائل الانتاج و أخرى لا تملك غير قوة العمل ..و يقترح ماركس الشيوعية حلاّ لمشكلة المساواة بين الناس و القضاء على المجتمعات الطبقية..و ذلك لا يتم الا بثورة الطبقة الكادحة التي لا تملك غير جهدها اليومي ضد طبقة البذخ و الثراء الفاحش ..

ما هو الالحاد؟

هو عدم اعتقاد المرء في وجود أي قوة خارقة مهما كان نوعها و شكلها : أصنام الوثنيين أو الاه التوحيديين ..و تعود ولادة اللفظ الى اللغة اليونانية في القرن الخامس قبل الميلاد ..و لا علاقة حينئذ للالحاد بشيوعية ماركس التي لم تظهر الاّ في القرن التاسع عشر..و نعلم جيدا أن الذاكرة العربية زاخرة بتاريخ كامل في الالحاد العربي الاسلامي من أبي جهل و أبي لهب الى القرامطة وبعض الفلاسفة الذين نسبت اليهم تهمة الزندقة ..أما ماركس فلم ينشغل بالدين من جهة الالحاد أو الايمان و لم تكن مسألة وجود الاله أو عدمه تدخل في خطّته الفكرية أو السياسية مباشرة. ذلك أن مشكلة التصور الشيوعي للعالم هي تحديدا القضاء على التفاوت الطبقي و تحقيق المساواة بين الناس عن طريق اعادة توزيع الخيرات بينهم توزيعا عادلا .أما عن مسألة التدين و الالحاد فيعتبرها ماركس "مسألة شخصية "لا علاقة لها مباشرة بالسياسة الكبرى للبنى الاقتصادية في المجتمع. و ان أهم ما نظفر به من التصور الماركسي للدين هو اعتبار ماركس الدين نتاجا لبؤس اجتماعي تعيشه الطبقة الكادحة التي لم تجد من حلّ آخر لوضعيتها المادية البائسة غير الاعتقاد في عالم آخر بوسعه أن يكون أرحم و أجمل من الدولة الرأسمالية التي تحولت الى جهاز قمع للبشر و سحق لامكانيات العيش العادل و الكريم بينهم .و بدلا عن الثورة من أجل تغيير العالم يكتفي المتدين بالاعتقاد في آخرة بعد الموت ..لكن ماركس لم يحارب الدين و اكتفى بتنزيله ضمن ما يسميه بالايديولوجيا أي منظومة القيم و المعتقدات التي ينتجها مجتمع ما كانعكاس نفسي وقانوني وسياسي للبنى التحتية الاقتصادية و المادية الخاصة به.

الشيوعية و الاسلام :

في نص كتبه لينين بتاريخ 24 نوفمبر 1917 نعثر على موقف طريف و غير مسبوق من الاسلام و المسلمين:

"أيها المسلمون بروسيا و سيبيريا و تركستان ..يا من هدم القياصرة مساجدهم و عبث الطغاة بمعتقداتهم ..ان معتقداتكم و عاداتكم و مؤسساتكم القومية و الثقافية صارت اليوم حرّة مقدسة..نظّموا حياتكم القومية بكامل الحرية ..فهي حق لكم، و اعلموا أن الثورة العظيمة و سوفياتات العمال و الجنود و الفلاحين تحمي حقوقكم و حقوق كل شعوب روسيا.."و يضيف "..لقد أُعيدت الآثار و الكتب الاسلامية المقدسة التي نهبتها القيصرية الى المساجد ..و قد تمّ تسليم القرآن الكريم المعروف بقرآن عثمان في احتفال مهيب الى المجلس الاسلامي في بيتروغراد في 25 ديسمبر 1917 ، و قد أُعلن يوم الجمعة ، يوم الاحتفال الديني بالنسبة للمسلمين ، يوم الاجازة الرسمية في كل آسيا الوسطى."

هذا النص الذي لا يشبه أيّ نص آخر تنهزم على يديه كل التهم التي تأتي الى الشيوعية من جهة الالحاد ..رُبّ تُهم لا يسعد بها غير أصحاب العقول الكسولة

أولئك الذين يقتاتون آراءهم من التناقضات العقيمة بين الايمان و الالحاد دون أن يدركوا أن الالحاد نفسه شكل مغاير من الايمان ..و أن الالحاد ليس سوى انفعال سالب و تعيس للعدميين الذين لا تشغلهم هموم الكادحين و المعطلين عن العمل و الذين تتأجّل الحياة في بيوتهم باستمرار.

من هو الشيوعي الحقيقي؟ أو أي شكل من الشيوعية نحتاجها اليوم في البلاد العربية التي تعيش في حالة مسارات ثورية كثيفة الأبعاد ؟ - دعونا نجيب على نحو مؤقت بما يلي: أن الشيوعي الحقيقي هو الذي ينجح في تجاوز التناقض الهزيل بين الايمان و الالحاد وهو تناقض لا ينفع غير الدغمائية السياسية التي تختزل النقاش في المعركة بين الحرية و الهوية و بين الليبيراليين و الجماعويين ..في نفس الوقت الذي يزداد فيه جوع البائسين و أموال المترفين ..

علينا الذهاب بالشيوعية فيما أبعد من الكفر و الايمان ..ما يهمنا هو المساواة في حظوظ العيش العادل و الكريم و ما تبقى هو مجال شاسع لحرية القيم و المعتقدات و الطقوس ..لكن شريطة أن يحترم الجميع حق الاختلاف ..حق المؤمن في أن يؤمن و حق الملحد في أن يُلحد..

ثمّة الكثير من البشر في العالم مُلحدين قبل ماركس ..و ذاكرتنا العربية الاسلامية تزخر بالملحدين ..و لا علاقة لهؤلاء بشيوعية ماركس ..

و ثمّة فوضويون و عدميون ملحدون لا علاقة لهم بالشيوعية ..و ثمّة مستهترون بكل دين لكنهم لا يعرفون أي شيء عن الشيوعية ..و ثمة في مقابل كل ذلك شيوعيون متخلقون يحترمون أخلاق غيرهم و معتقداتهم أكثر من بعض المتدينين أنفسهم..و ثمة أيضا الكثير من الحكام العرب هم مسلمون لكنهم مستبدون و فاسقون و دجاّلون ..

خاتمة :

اكتفينا بما يكفي من فكر الدائرة المفرغة و الصدام العقيم بين أن نؤمن و أن نلحد و أن نصلي و أن نغني وأن نغطّي و أن نُعرّي..آن الأوان لأن يستيقظ الفكر السياسي الحر في بلادنا من معاركه اليديولوجية و أن يشتغل على القضايا الحقيقية و الحارقة .. فإنّ ضجيج الأحزاب المختصمة على شرعية المسجد أو الخمارة هو أيضا أحد أشكال الالتفاف على الثورة و الارتداد بنا الى نقاش انتهى بانتهاء عصر اليديولوجيات..

ليست الشيوعية اضطهادا لأي دين، إنما هي إنصاف للشعب بكل فئاته، ومقدساته، وذاكرته وطقوسه وتراثه وكل إمكانيات العيش الكريم بلا فقر ولا فقراء. إنّ الشعب مقولة رحبة للجميع، تتسع لمن يصلي كما تتسع لمن يغني